كشفت منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "أونكتاد" عن انخفاض الاستثمار الأجنبي المباشر العالمي بنسبة 11% خلال عام 2024، مسجلاً تراجعاً للعام الثاني على التوالي، رغم ما بدا كزيادة ظاهرية نسبتها 4% رفعت القيمة الإجمالية إلى 1.5 تريليون دولار.
ارتفاع وهمي بفعل قنوات مالية أوروبية متقلبة
أوضحت المنظمة في تقريرها السنوي أن هذا الارتفاع النسبي يعود إلى تقلبات تدفقات مالية عبر اقتصادات أوروبية تُعدّ مراكز تحويل استثماري، مؤكدة أن البيانات الحقيقية تُبرز تراجعاً في التدفقات الفعلية، ما يسلط الضوء على الحاجة الماسة لإعادة تشكيل أنظمة الاستثمار والتمويل لدعم النمو المستدام.
تحديات جيوسياسية ترسم خريطة جديدة للاستثمار
قالت ريبيكا جرينسبان، الأمينة العامة لأونكتاد، إن مشهد الاستثمار العالمي في 2024 تأثر بشدة جراء التوترات الجيوسياسية، وتفتت التجارة، واشتداد المنافسة في السياسات الصناعية، إضافة إلى ارتفاع المخاطر المالية، وهو ما أدى إلى تشويه التدفقات وتقويض ثقة المستثمرين على المدى البعيد.
انخفاض حاد في الاقتصادات المتقدمة.. وأوروبا في المقدمة
بيّن التقرير أن الاستثمار الأجنبي المباشر في الاقتصادات المتقدمة انخفض بنسبة 22%، مع تراجع كبير بنسبة 58% في أوروبا، في حين سجلت أمريكا الشمالية ارتفاعاً بـ23% بقيادة الولايات المتحدة، في استثناء واضح للاتجاه العام.
أفريقيا تسجل قفزة بفضل مشروع ضخم في مصر
سجلت أفريقيا ارتفاعاً بنسبة 75% في تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، إلا أن هذا الصعود يُعزى إلى مشروع كبير واحد في مصر، وبدونه كانت الزيادة العامة لتبلغ نحو 12%، مدفوعة بإصلاحات تنظيمية وتسهيلات استثمارية في عدد من الدول.
جنوب شرق آسيا تحافظ على مركزها رغم تراجع إقليمي
احتفظت آسيا بموقعها كأكبر مستقبل للاستثمار الأجنبي المباشر، رغم انخفاض بنسبة 3% على مستوى القارة، في حين سجلت دول جنوب شرق آسيا نمواً بنسبة 10% لتصل إلى 225 مليار دولار، وهو ثاني أعلى مستوى يتم تسجيله تاريخياً في المنطقة.
أمريكا اللاتينية والشرق الأوسط
في المقابل، شهدت أمريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبي تراجعاً بنسبة 12%، رغم زيادة في المشاريع الجديدة بدول مثل البرازيل والمكسيك، بينما حافظ الشرق الأوسط على أداء قوي بدعم من جهود التنويع الاقتصادي في دول الخليج.
تفاوت في الدول الهشة واستمرار تركّز الاستثمار
أظهر التقرير تفاوتاً في تدفقات الاستثمار بين الدول النامية، حيث ارتفعت في البلدان الأقل نمواً بنسبة 9%، والدول الجزرية الصغيرة بنسبة 14%، بينما تراجعت بنسبة 10% في الدول غير الساحلية. وأكدت أونكتاد أن الاستثمار ما زال متركزاً في عدد محدود من الدول، ما يعكس الحاجة إلى استراتيجيات شاملة لتحقيق العدالة الاستثمارية.