كشف فريق من العلماء الصينيين والأمريكيين عن تطوير مادة بناء جديدة تتفاعل مع الضوء والحرارة لتبريد المباني، بخلاف الإسمنت والخرسانة التقليديين اللذين يسهمان عادة في احتباس الحرارة داخلها. ويسمح استخدام هذه المادة المتقدمة بخفض درجات الحرارة الداخلية بما يصل إلى خمس درجات مئوية خلال النهار الحار.
آلية عمل المادة الجديدة
أوضح الباحثون أن الإسمنت الجديد، عند تصلبه، يُكوّن بنية فريدة على سطحه مكونة من نظائر بلورات المعدن الطبيعي "إترينغايت". وتمتاز هذه البلورات بقدرتها على عكس الضوء المرئي بفعالية، وفي الوقت ذاته السماح بمرور الأشعة تحت الحمراء في الجزء الأوسط من الطيف، ما يقلل من تراكم الحرارة داخل المبنى.
تطوير "الإسمنت المهيكل ضوئياً"
أُطلق على المادة اسم "الإسمنت المهيكل ضوئياً"، وتم تطويرها بإشراف البروفيسور مياو تشانغوين من جامعة جنوب شرق الصين، بالتعاون مع علماء مواد من الصين والولايات المتحدة.
ويهدف الابتكار إلى التغلب على أحد عيوب الإسمنت التقليدي، الذي لا يعكس سوى نحو 30% من ضوء الشمس والحرارة، ما يجعله محدود الفعالية في المناطق الحارة والاستوائية.
إعادة هيكلة جزيئات الإسمنت
أكد البروفيسور تشانغوين وفريقه أن الحل يكمن في إعادة هيكلة جزيئات الإسمنت بحيث يصبح سطحه قادراً على عكس الضوء وتمرير الحرارة، حيث أظهرت التجارب أن مزج هلام غير بلوري خاص مع بلورات طبيعية أو اصطناعية من "إترينغايت" يمنح الإسمنت خصائص فريدة.
كما تم ابتكار قالب من بوليمر السيليكون يحتوي على بروزات دقيقة تتيح توزيع البلورات بشكل منتظم، لتشكيل ما يُعرف بالسطح الفوقي "الميتا-سطح".
نتائج الاختبارات العملية
لإثبات فعالية المادة الجديدة، قام الباحثون ببناء نماذج مصغرة لمنازل باستخدام الإسمنت التقليدي وأخرى بالإسمنت المبتكر، ثم تعريضها لضوء الشمس المباشر. وأظهرت النتائج أن درجة حرارة جدران المنازل المبنية بالمادة الجديدة انخفضت من 60-70 مئوية إلى نحو 30-35 مئوية، ما انعكس بانخفاض الحرارة الداخلية بمقدار خمس درجات مئوية.
فوائد مستقبلية في خفض استهلاك الطاقة
يرى العلماء أن هذه التكنولوجيا يمكن أن تُحدث نقلة نوعية في قطاع البناء، حيث ستقلل من الاعتماد على أجهزة التبريد وتخفض استهلاك الطاقة وتكاليفها بشكل كبير، خصوصاً في المناطق ذات المناخ الحار.