زارت الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، رئيسة مجلس إدارة هيئة الشارقة للكتاب، أمس، مقر مكتبة "ريشيليو" التابع للمكتبة الوطنية الفرنسية "BnF" في باريس، أحد أبرز المراكز البحثية في أوروبا، حيث التقت عدداً من كبار المسؤولين بالمكتبة لبحث سبل التعاون في مجالات ثقافية ومهنية متعددة، ضمن مساعي الشارقة لتعزيز شراكاتها المعرفية على المستوى الدولي.
برامج ثقافية وأدبية ومخطوطات بين الشارقة وباريس
وخلال اللقاء، اتفق الجانبان على إطلاق برامج تعاون مستدامة تشمل تطوير مشاريع مشتركة في مجالات المخطوطات وأدب الطفل والمقتنيات الثقافية، بالإضافة إلى تنظيم فعالية "أيام الشارقة الأدبية" في باريس، لتكون منصة دورية للحوار الثقافي وتبادل الخبرات الأدبية بين الشارقة والعاصمة الفرنسية.
وفي خطوة تعبّر عن رؤية الشارقة في دعم اللغة العربية وتقدير المؤسسات الثقافية العالمية، أهدت الشيخة بدور القاسمي نسخاً من "المعجم التاريخي للغة العربية" إلى المكتبة الوطنية الفرنسية القديمة والحديثة، تعبيراً عن التكامل المعرفي بين المؤسستين واعترافاً بدور المكتبة الرائد في صون التراث الإنساني المكتوب.
المكتبات جسور حضارية لا تقتصر على حفظ الكتب
وأكدت الشيخة بدور القاسمي أن التعاون مع المكتبة الوطنية الفرنسية يمثل خطوة نوعية في مسيرة الشارقة نحو تعزيز الشراكات الثقافية العالمية، مضيفة: "نؤمن في الشارقة بأن المكتبات ليست مجرد أماكن لحفظ الكتب، بل هي فضاءات حيّة للتفاعل الحضاري، وجسور تربط بين الماضي والمستقبل، ومن هنا، نسعى إلى مشاريع نوعية توسّع حضور الثقافة العربية عالمياً وتُعزّز دور الشارقة كمركز للحوار الثقافي بين الشرق والغرب".
وأضافت: "المعجم التاريخي للغة العربية هو رسالة حوار حضاري بلغتنا، وإهداؤه إلى المكتبة الوطنية الفرنسية يُجسّد دعوتنا المفتوحة لتعزيز التفاهم الثقافي بين الشعوب عبر اللغة والمعرفة".
معارض تبادلية وبرامج تنمية القراءة
وتضمنت الاتفاقيات تنظيم معارض مشتركة رقمية وميدانية، تتضمن إعارات من المخطوطات والوثائق النادرة بين الشارقة وباريس، إلى جانب برامج للتعاون في مجال أدب الطفل وتنمية القراءة باللغة الأم، وورش عمل وزيارات تبادلية تعزّز من حضور المحتوى الإماراتي والعربي في فرنسا، وأدب الأطفال الفرنسي في الإمارات.
شراكة مهنية بين مكتبة الشارقة و"BnF"
كما شملت الاتفاقيات إطلاق برامج تعاون مهني بين مكتبة الشارقة العامة والمكتبة الوطنية الفرنسية، بهدف تبادل الخبرات في تطوير البنية التحتية للمكتبات، والعمل المشترك على تحقيق تكامل معرفي مستدام.
جولة ميدانية في مكتبة "ريشيليو"
رافقت الشيخة بدور القاسمي في الزيارة، وفود من الهيئة برئاسة سعادة أحمد بن ركاض العامري، حيث كان في استقبالهم جيل بيكّو المدير العام للمكتبة، وماري دو لوبييه مديرة المجموعات، وجان فرانسوا روزو مدير العلاقات الدولية. واطلع الوفد على أبرز مرافق مكتبة "ريشيليو"، بما في ذلك آليات الحفظ والرقمنة، والمجموعات النادرة، والخدمات البحثية المتقدمة التي تقدمها المكتبة للدارسين من أنحاء العالم.
عن المكتبة الوطنية الفرنسية
تُعدّ المكتبة الوطنية الفرنسية من أعرق المؤسسات الثقافية عالمياً، تعود جذورها إلى القرن الرابع عشر وتأسست رسمياً عام 1537 بمرسوم من الملك فرانسوا الأول، جعلها من أولى المكتبات التي اعتمدت نظام الإيداع القانوني. وتضم المكتبة اليوم أكثر من 40 مليون مادة وثائقية بلغات متعددة، وتتميّز بمخطوطاتها الشرقية وكتبها النادرة، وتقدم خدمات رقمية حديثة لآلاف الزوار سنوياً.
شراكات ثقافية استراتيجية
تأتي هذه الزيارة في إطار حرص هيئة الشارقة للكتاب على بناء شراكات استراتيجية مع أبرز المؤسسات الثقافية في العالم، ضمن رؤية الشارقة للنهوض بصناعة الكتاب وتوسيع الحوار الحضاري على الساحة الدولية.